الحرب التجارية- ترامب يشعلها، والعالم يتأثر

المؤلف: عبدالكريم الفالح09.23.2025
الحرب التجارية- ترامب يشعلها، والعالم يتأثر

اندلعت شرارة حرب اقتصادية ضروس، حيث بادر كل طرف بالرد على الآخر بفرض رسوم جمركية باهظة. الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، كان المحرك الرئيسي لهذا الصراع، بحجة الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي وتعزيز الصناعات المحلية المزدهرة.

أدت هذه القرارات إلى إطلاق العنان لحرب تجارية واسعة النطاق، استهدفت بالدرجة الأولى الصين، ثم امتدت تداعياتها الوخيمة إلى الاتحاد الأوروبي ودول أخرى حول العالم.

سعى ترامب، من خلال هذه التدابير الحمائية، إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي المتفاقم، الذي كان يعتبره مؤشراً واضحاً على استغلال الدول الأخرى لاقتصاد الولايات المتحدة القوي. علاوة على ذلك، كان يعتقد جازماً أن الانفتاح التجاري المفرط قد تسبب في فقدان الوظائف القيمة في أمريكا، خاصة في قطاعات الصناعة الثقيلة والصناعات التحويلية.

لم تتوانَ الصين عن الرد السريع، حيث فرضت تعريفات جمركية مضادة انتقامية على مئات السلع الأمريكية المتنوعة. وهكذا استمرت الحرب التجارية الشرسة بتبادل الجانبين فرض تعريفات جديدة، مما أدى إلى إحداث اضطرابات واسعة النطاق في الأسواق العالمية، وزرع بذور القلق والريبة بين المستثمرين الحذرين.

من بين القطاعات الأكثر تضرراً بشكل ملحوظ كانت التكنولوجيا المتقدمة، والزراعة الحديثة، وصناعة السيارات المزدهرة.

نتيجة لذلك، بدأت الشركات العالمية العملاقة في إعادة تقييم سلاسل التوريد المعقدة الخاصة بها، بل إن بعضها نقل خطوط الإنتاج بأكملها إلى دول أخرى بحثاً عن ملاذ آمن من الرسوم الجمركية الباهظة.

لم يكن الاتحاد الأوروبي بمنأى عن هذه السياسات الحمائية، حيث وصف مسؤولوه الرفيعو المستوى التعريفات بأنها غير مبررة على الإطلاق، وهددوا باتخاذ إجراءات مماثلة رداً على ذلك. وقد فرضت بروكسل بالفعل تعريفات انتقامية على مجموعة متنوعة من السلع الأمريكية.

على الرغم من أن العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا لم تصل إلى مستوى التوتر الشديد الذي وصلت إليه العلاقات بين واشنطن وبكين، فإن الحرب التجارية قد ألقت بظلالها القاتمة على التجارة عبر الأطلسي، وخلقت توتراً دبلوماسياً مستمراً يتصاعد تدريجياً.

أدت هذه الحرب الاقتصادية المدمرة إلى تراجع ملحوظ في نمو الاقتصاد العالمي، وتباطؤ كبير في حركة التجارة الدولية. وفي الداخل الأمريكي، عانت بعض القطاعات من ارتفاع التكاليف، بينما استفادت صناعات أخرى من الحماية الجمركية الصارمة.

على الصعيد السياسي، ساهمت سياسات ترامب التجارية في إعادة تشكيل الخطاب السياسي حول العولمة والتجارة الحرة، وأعادت الاعتبار إلى السياسات الحمائية التي كانت لسنوات طويلة محل انتقاد شديد في الأوساط الاقتصادية الليبرالية.

ومع ذلك، فإن هذه السياسات الطموحة لم تحقق أهدافها المعلنة بالكامل، إذ ظل العجز التجاري مرتفعاً، وواجهت الصناعات الأمريكية تحديات جديدة لم تكن في الحسبان.

وقد أثيرت تساؤلات جدية حول جدوى الحروب التجارية المنهكة وأثرها الحقيقي على الاقتصاد والمستهلكين على حد سواء.

نهاية:

ترامب يشعل فتيل الأزمة في العالم بأكمله، فمن يا ترى سيكون قادراً على إطفاء هذا الحريق الهائل؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة